لنعتبر الأموال المنهوبة ديناً في ذمتكم، متى تعيدونها؟
بقلم الخبير محمود عاصي
سنة 1990 كنت في دولة الإمارات العربية وقد حدثت قصة وكأنها رواية – شاب لبناني موظف بمركز مرموق في شركة تجارية منذ زمن ولم يوفق، أغراه الشيطان واختلس من الحساب 25 مليون درهم وغادر البلد.
وبعد ثلاث سنوات رجع إلى الإمارات، فاعتقل على الفور واعترف بفعلته، إلا أنه قال أنه استدان المبلغ ولم يختلسه وهو جاهز لإعادته للشركة فوراً. وهكذا حصل فأطلق سراحه بعد أن أعاد المبلغ. ويبدو أنه وظف الـ 25 مليون خارج الإمارات وحقق أرباحاً مكنته من إعادة المبلغ بسهولة والعودة إلى الإمارات. وأعاد المال المستعار مع الإعتذار وترك حراً كقصة اللص الظريف.
فيا سادة ويا قادة البلاد وسادة العباد في الوطن المعذب منذ ثلاثة عقود وما زلنا نجلكم ونبجلكم ونعتبركم على مدى 31 سنة ليلاً نهاراً خفية وجهاراً.
وزبدة الموضوع المليارات المجباة والهبات الخارجية وصناديق البلديات في المالية والضمان وغيرها خاوية وأموال الشعب في المصارف تبخرت مال اليتيم والأرملة والمتقاعد والمهاجر والتاجر والمؤمن ببلد الأرز، مقفل عليها بالبنك المركزي وحارسها الساهر اللاأمين.
الطرقات محفرة، الشوارع مظلمة، المياه مقطوعة، النفايات على الطرقات وشاطئ البحر ومجاري الأنهار.
الفوضى عارمة والمشاكل والقتلى والضحايا تسقط يومياً وكأننا في غابة وادي القرن. والدليل الحسي تنقل كل واحد منكم بأربع سيارات مستنسخة الرقم واللون والماركة حماية لكم. لا نراكم سوى بالمآتم والولائم وعلى شاشات التلفزة تحاضرون بالعفة والشهامة.
بإمكانك أن تخدع إنساناً بعض الوقت وأن تخدع جماعة بعض الوقت ولكن لا يمكن أن تخدع إنساناً طول الوقت.
الشعب كفر بعد أن أعياه الطفر والبلد ماشي عالمهوار وقد بلغ أسفل السافلين. وكأنكم جميعاً من (طين لازب) أليس بينكم رجل رشيد يبدأ بنفسه بإعادة ما استعاره وتكر المسبحة ويعود الوطن والشعب إلى حالته، وبذلك تبرأ ذمتكم وعفا الله عما مضى.
انشر تعليق