صراع المستشفيات والتأمين يزيد أوجاع المرضى 15% زيادة متوقعة على فواتير زبائن “التأمين
تصر المستشفيات على تطبيق الزيادات التي تطلبها، وباشرت إستيفاءها من المرضى، كفروقات على فواتير التأمين،
تتتالى الأزمات، ويتعقد بعضها، ويتزايد “النقار” والسجال، كلما شح المال والتمويل، وبات المطلوب يفوق المتوافر. وما الكباش الدائر بين المستشفيات وشركات التأمين، إلا ترجمة لضمور مداخيل شركات التأمين، بعدما خسرت نحو نصف المضمونين لديها، منذ بدء الإنهيار النقدي، وإرتفاع أسعار إعادة التأمين من جهة، وحاجة المستشفيات من جهة أخرى، إلى رفع أسعار خدماتها، لإعادة التوازن المالي إلى ميزانياتها.
جذور الأزمة مالية بحتة، فالمستشفيات تعتبر أن أسعارها لا تزال دون مستوى الأسعار قبل الأزمة، في وقت لا تزال تلتزم تقديم الخدمات الصحية والإستشفائية بالجودة ذاتها. فيما ترفض شركات التأمين بالمقابل، زيادة التعرفات والأعمال الطبية، بما يزيد عن الأسعار التي حددتها وتسددها الدولة عن مضمونيها، ومرضى وزارة الصحة.
في الوسط، وما بين إصرار المستشفيات على تطبيق الزيادات التي تطلبها، ومباشرتها إستيفاءها من المرضى، كفروقات على فواتير التأمين، وتمسك الشركات الضامنة بموقفها، يقع المريض ضحية كباش، لا قدرة له على تجاوزه، أو على دفع وتسديد مفاعيله المالية.
حتى اليوم ترفض جمعية شركات لضمان رفع التغطية ما يقارب 15% لقاء الخدمات على الفاتورة الاستشفائية، وتتمسك بالتسعيرة التي وضعتها وزارة الصحة، على الرغم من مرور نحو 3 أشهر على الكتاب الذي ارسلته نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة إلى الجمعية. وتأتي مطالبة المستشفيات برفع التكلفة على خلفية “ارتفاع تكاليف الاستشفاء التي لا تناسب مع التكلفة الحقيقية للعلاج”. من جهتها ردت شركات التأمين عبر جمعيتها بكتاب منذ نحو 10 ايام فندت فيه الثغرات التي تحصل في المستشفيات مع تأكيدها على رفض الزيادة، ما لم تتوصل المستشفيات الى معالجة هذه الثغرات التي ستخفض حتما التكاليف، من دون الحاجة الى تسديد هذه الزيادة”. وبحسب رئيس جمعية شركات الضمان أسعد ميرزا، فإن نقيب المستشفيات وعد بإرسال اقتراحات الجمعية الى المستشفيات ليبنى على الشيء مقتضاه.
ولكن ماذا لو رضخت شركات التأمين، هل سيتحمل الزبائن نسبة الزيادة؟
ميرزا، أكد لـ”النهار” أنه لا يمكن تحميل الزبائن تكاليف أكثر، خصوصا بعد الزيادات التي حملناها إياها إثر الخسارات التي تكبدتها الشركات في قطاع الاستشفاء والتي تقدر بنحو 140%.
ثمة مطالب كثيرة لشركات التأمين، ومنها وفق ما يقول ميرزا “ضرورة إعادة النظر بالبروتوكولات الطبية المعتمدة، وتحديدا بروتوكولات مرضى السرطان، التي أصبحت تشكل عبئا ماديا جسيما على ميزانية الشركات، ولذا طالبنا بتطبيق البروتوكولات المعتمدة رسميا، من وزارة الصحة والجهات الضامنة الرسمية. وكذلك نسعى لاعتماد الأصول التطبيقية الطبية Preoperative Tests وتحديدا بما يتعلق بالـ Pathway Clinical) والعمليات الجراحية الأكثر رواجا”، بالإضافة الى مساواة كلفة الأعمال الطبية، بين مرضى شركات التأمين من جهة، ومرضى الصناديق الخاصة، والمرضى الذين يسددون نفقات إستشفائهم نقداً إلى صناديق المستشفيات من جهة أخرى.
كذلك، دعت الى “تطبيق كافة المستشفيات القرار الصادر عن جمعية شركات الضمان، بما يختص إدراج رقم النموذج “Reference” لكل مغروسة طبية Prothèse) وفق ما هو وارد في جدول وزارة الصحة للمستلزمات الطبية لدى إرسال الفاتورة Proforma وقبل إجراء أي عمل طبي جراحي”.
ووفق ميرزا، تقوم بعض المستشفيات، وتحت شعار تقديم أفضل الخدمات الطبية، من خلال التكنولوجيا الطبية الحديثة، بتحميل شركات الضمان ومضمونيها نفقات طبية جد مرتفعة، بما ينعكس سلبا على نتائج قطاع التأمين الإستشفائي والأموال الخاصة للمضمونين.
ولا يخفي ميرزا أن ثمة إستغلال يحصل في غرف الطوارئ، لتجنيب المضمونين تسديد حصتهم المحددة بنسب معينة، لدى إجراء فحوصات مخبرية، والتي يفترض إجراءها في عيادات ومختبرات خارجية. وهو إشكال، يكبد الشركات أكثر من 30% من الفاتورة الطبية والإستشفائية، بما يستدعي إعادة النظر بالبروتوكولات المعتمدة بعمل غرف الطوارئ والمراقبة، وتشدد المستشفيات بتطبيق معايير هذه البروتوكولات.
بدوره لم يخف نقيب المستشفيات سليمان هارون تلقيه كتابا من 3 صفحات أرسلته جمعية شركات الضمان، عرضت فيه لملاحظاتها على واقع العلاقة وإشكالياتها بين الشركات والمستشفيات. وقال “طلبت من ميرزا أن يرسل كتابا الى النقابة، يتضمن مقترح معقول لإحتواء الأزمة، ومشروط بإلتزام المستشفيات بتعرفة وزارة الصحة، لكي تعممه النقابة بدورها على المستشفيات، علما أن 90% من المستشفيات ملتزمة بتعرفة وزارة الصحة”. وأضاف “بيد أنه حتى تاريخه، لم يصلنا أي كتاب أو إقتراح منهم، وخصوصا ما عرضناه عليهم، بالسير في تقسيط الزيادة على ثلاث دفعات متساوية، وعليه نحن مجبرون لا مخيرون تحميل هذه زيادة الـ 15% لزبائن شركات التأمين”.
انشر تعليق