دبي
16 Jul, Tuesday
36°C

دور الاقتصاد الدائري في تحقيق طموحات الاستدامة المنشودة لمستقبل دول المنطقة

بقلم: عمار طبا، نائب رئيس هواوي للعلاقات العامة والإعلام في الشرق الأوسط

يشهد العالم جهوداً متزايدة للحد من انبعاثات الكربون، وتم إطلاق العديد من البرامج والمبادرات الدولية لتحقيق هذا الهدف. وساهم الانتقال من الاعتماد على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة إلى المصادر النظيفة وتعزيز كفاءة الطاقة وابتكار أنظمة النقل التي تحقق صفر انبعاثات في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير. ولن تقتصر آثار هذا النهج على البيئة فحسب، بل ستمتد لتشمل مختلف جوانب الحياة.

الاقتصاد الدائري نظام يهدف للقضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد بشكل مستدام. وتستخدم الأنظمة الدائرية إعادة الاستخدام والمشاركة والإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع وإعادة التدوير لإنشاء نظام حلقة مغلقة، مما يقلل استخدام مدخلات الموارد إلى الحد الأدنى ويخفّض النفايات والتلوث وانبعاثات الكربون. ويهدف الاقتصاد الدائري لاستخدام المنتجات والمعدات والبنية التحتية لفترة أطول، وبالتالي تحسين إنتاجية هذه الموارد ومردودها. ويرتكز الاقتصاد الدائري على استبدال النموذج الاقتصادي التقليدي الذي يعتمد على ثقافة شراء المنتج واستهلاكه ثم رميه في القمامة.

في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، يجب أن تشمل استراتيجية الاقتصاد الدائري دورة حياة المنتج بأكملها من خلال ضمان كفاءة المنتج ورفع معدل قابلية إصلاحه والحد من الاعتماد على الموارد المعدنية وكمية النفايات الإلكترونية الناتجة عن الأجهزة الإلكترونية والانبعاثات الكربونية. وأشارت إحدى الدراسات التي تم نشرها مؤخراً إلى أن الاقتصاد الدائري يمكن أن يحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي بنسبة 39%.

تسهم استراتيجية الاستدامة في هواوي التي تترجمها الشركة على أرض الواقع من خلال اتباع نموذج أعمال يعتمد ممارسات الاقتصاد الدائري وسلسلة القيمة المغلقة في دعم استدامة أعمال وخدمات العديد من القطاعات والصناعات. وتأتي جهود الشركة لحماية البيئة كجزء من استراتيجتها “التكنولوجيا من أجل كوكب أفضل”.

في المرحلة الأولى من الاقتصاد الدائري، يتم تصميم منتجات فائقة الجودة تتمتع بدورة حياة طويلة. ضمن هذا المجال، تركز هواوي على تطبيق ممارسات تضمن الصيانة لإطالة دورة حياة المنتج واستفادته من ميزات الحد من استهلاك الموارد الطبيعية. مثال ذلك أجهزة التوجيه NetEngine الحديثة التي أسهمت خطوط تصنيعها باعتماد نظام شامل لضمان الجودة بتراجع المشاكل في أجهزة التوجيه بنسبة 1.56 قطعة معطوبة لكل مليون نقطة لحام في اللوحة، وهو معدل أقل بكثير من معيار Six Sigma الذي حدد معدل المشاكل بـ3.4. ولا يتجاوز معدل صيانة لوحات هواوي ثلث معدل صيانة اللوحات في القطاع التقني.

يمكن الحد من الآثار البيئية للمنتجات الإلكترونية من خلال إعادة استخدام النفايات الإلكترونية واستعادة قيمتها. وأشار تقرير نشرته شركة “أكسنتشر” إلى أن الاقتصاد الدائري يمكن أن يسهم في رفد الناتج الاقتصادي بـ4.5 تريليون دولار بحلول عام 2030 من خلال توفير فرص العمل وتعزيز الابتكار. وتعمد هواوي نظام تصنيف نفاياتها الإلكترونية بالتعاون مع موفري خدمات إعادة التدوير لتتم إعادة تدويرها واستعادتها بكفاءة. وتتعاون الشركة مع موفري خدمات الخردة على إعادة تدوير المواد الخام الناتجة عن النفايات الإلكترونية في أكثر من 170 دولة في جميع أنحاء العالم. وفي 2021، تخلّصت الشركة من 11،826 طن من النفايات الإلكترونية، تم طمر 0.78% فقط منها في مدافن النفايات فيما تمت معالجة 8،643 طن من النفايات الإلكترونية الناتجة من الأجهزة الذكية. وأطلقت هواوي خدمة الهاتف المستعمل عبر منصة Vmall لإعادة التدوير والتجديد بالتعاون مع شركات إعادة التدوير الرائدة وموفري الخدمات في عام 2021.

يسهم الحد من استخدام البلاستيك في تصنيع المنتجات بتحقيق أهداف الاقتصاد الدائري. وقدّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة كمية البلاستيك التي يتم رميها في المحيطات بثمانية ملايين طن سنوياً، وأن 60% إلى 90% من النفايات التي تتراكم على الشواطئ وسطح البحر وقاعه مصنوعة من البلاستيك. وبالنظر أنه يستغرق عقوداً لكي يتحلل ويطلق مواداً سامة في التربة تحت أشعة الشمس، ومواداً تضر بالغلاف الجوي وتؤدي إلى تلوث الهواء إذا تم حرقها، يجب تعزيز جهود الحد من الاعتماد على البلاستيك في جميع الشركات. وفي هذا الإطار، تواصل هواوي عملية تحسين تغليف منتجاتها للمستهلك. وعلى سبيل المثال،يتم عادةً تغطية سطح صندوق الغلاف بطبقة من البلاستيك لحماية الكلمات والرسوم المطبوعة. وقد طور مصممو التغليف في الشركة حبراً مائياً ليتم الاستغناء به عن الأشرطة البلاستيكية، وتم استخدامه في تغليف عدة أجهزة حتى اليوم، وسيتم اعتماده في تغليف مزيد من المنتجات في المستقبل. ومن المتوقع أن يسهم هذا الإجراء في الحد من الاعتماد على مواد التغليف البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة بحوالي 46.3 طن لكل 10 ملايين هاتف. كما تركز هواوي على الحد من البلاستيك في علب الهدايا، حيث انخفضت كمية البلاستيك المستخدمة في علب هواتف P50 – على سبيل المثال – بنسبة 89% مقارنة بهواتف P40. وكشف تقرير الاستدامة أن نسبة البلاستيك في علبة هاتف P50 أقل من 1%، وهو رقم رائد في هذا المجال.

تركز الأهداف العالمية على التطوير النظيف ومنخفض الكربون للحد من الآثار البيئية للمنتجات على امتداد دورة حياتها. ومع نهاية عام 2021، ساهمت حلول الطاقة الرقمية التي توفرها هواوي لعملائها في توليد 482.9 مليار كيلو واط في الساعة من الطاقة النظيفة والحد من استهلاك الكهرباء بـ 14.2 مليار كيلو واط في الساعة أي ما يعادل الحد من الانبعاثات الكربونية بـ230 مليون طن. كما استخدمت الشركة في عملياتها أكثر من 300 مليون كيلو واط في الساعة من الكهرباء التي تم إنتاجها بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في عام 2021 بزيادة قدرها 42.3% مقارنة بعام 2020.

تحقيق الاستدامة مسؤولية جماعية تتطلب التعاون بين مختلف أطراف النظام الإيكولوجي لمواجهة التحديات البيئية. ويصب مؤتمر الموردين الذي تعقده هواوي في صالح الحد من الانبعاثات الكربونية، حيث حدد 98% من شركات وموردي الطاقة الأساسيين أهدافاً للحد من الانبعاثات الكربونية بالتعاون مع هواوي.

سيسهم التعاون في مجال الاستدامة بين القطاعين العام والخاص في تنمية الاقتصاد الدائري لدول المنطقة. وهناك العديد من المبادرات المبشرة في هذا المجال. مثال ذلك إعلان بلدية دبي عن بناء أكبر مصنع في الشرق الأوسط لتحويل النفايات الصلبة إلى طاقة بتكلفة تبلغ 2 مليار درهم، وسعي الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة إلى تحويل 85% من النفايات الصناعية الخطرة و100% من النفايات الصلبة و60% من مخلفات البناء والهدم بعيداً عن مدافن النفايات بحلول عام 2035.

النموذج الاستهلاكي الحالي ليس مستداماً، وتبرز الحاجة إلى تنمية الاقتصاد الدائري الذي يسهم في تعزيز ممارسات إعادة التدوير والإصلاح وإعادة التصنيع بدلاً من الاعتماد على الموارد غير المتجددة، مما يحدّ من استهلاك المواد الخام والانبعاثات الكربونية في المنطقة. ولا بديل عن نهج التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص لتحقيق طموحات الاستدامة المنشودة لمستقبل دول المنطقة، خصوصاً في صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات الداعمة للتحول الرقمي وبناء اقتصاد المنطقة الرقمي المستدام المبني على المعرفة.  

انشر تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *