مقابلة مع مجلة البيان – دكتور خالد خلف الله
دكتور خالد خلف الله، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات
السؤال الاول: تمّ تكليفكم مؤخراً في منصب القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للمؤسسة، هل لنا بفكرة حول خطط المؤسسة للفترة القادمة؟
أن هذا التكليف جاء في وقت تسود فيه التوقعات بأن يشهد العالم بصفة عامة ودول منظّمة التعاون الإسلاميّ بصورة خاصة، بعض الانتعاش والنمو الاقتصادي العالمي مما سيؤثر على استراتيجية المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات وعملياتها. وبحسبان أن المؤسسة عضو في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، فإنها تتوخى بأن ترتبط استراتيجية عملياتها بالاستراتيجية المحدثة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية للفترة الممتدة ما بين عامَي 2023-2025.
ستسعى المؤسسة، بتوجيه ودعم مجلس الإدارة، خلال الفترة القادمة في مواصلة دورها في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء، كما سنعمل على تطوير منتجات تأمينية مبتكرة تتوافق مع الاحتياجات المتغيرة للسوق، مع التركيز على تقديم حلول مخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول. من جانب آخر، سنعمل على توسيع نطاق عملنا جغرافيًا، وذلك من خلال الدخول إلى أسواق جديدة وتعزيز حضورنا في الأسواق الحالية. أما بالنسبة للعام القادم، فإن المؤسسة تسعى للتركيز على عدة مبادرات استراتيجية بهدف تعزيز دورنا وتأثيرنا، حيث سيتم خلالها إطلاق مجموعة من الحلول التأمينية الجديدة المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات القطاعات الناشئة، مثل التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، مما سيساعد في دعم الابتكار والنمو في هذه المجالات الحيوية. كذلك سنعمل على تعزيز تواجدنا في الأسواق الإفريقية والآسيوية من خلال دعم مكاتبنا الإقليمية الموجودة في هاتين المنطقتين وتطوير شراكات مع مؤسسات محلية، مما يتيح لنا تقديم خدمات أكثر تخصيصًا وفهمًا لاحتياجات تلك الأسواق. من ناحية أخرى، ستواصل المؤسسة جهودها في دعم المشاريع التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل مبادرات العمل المناخي وتعزيز الشمول المالي والأمن الغذائي. كما سنعمل على تحسين إدارة المخاطر باستخدام تقنيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، مما سيمكننا من تقديم حلول أكثر دقة وفعالية لعملائنا. بالإضافة الى تعزيز برامج التدريب والتطوير لموظفينا لضمان مواكبتهم لمتغيرات السوق.
تستعد المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات لبدء رحلة تحول تمتد على مدى العقد المقبل. وتتطلب هذه الرؤية جهود لتوسيع وجودها الفعلي في جميع الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية لضمان تقديم الخدمات بشكل فعال. من المتوقع أن تشهد المؤسسة تغييرًا تدريجيا بالانتقال من دور مزود تأمين مباشر إلى دور ميسر للتأمين. سيتضمن هذا الدور دعم كيانات التأمين في الدول الأعضاء وغير الأعضاء. الأخرى من خلال الخبرة الفنية، وتوفير قدرات إعادة التأمين، والاستفادة من البيانات لتعزيز جودة الخدمات المقدمة.
السؤال الثاني: في ظل تصاعد الأزمات السياسية، ما هي الخطوات التي ستتخذونها خصوصًا في المناطق الحامية مثل منطقة الشرق الأوسط للتأمين ضد المخاطر السياسية وتعزيز الائتمان؟
ندرك تمامًا التعقيدات والتحديات التي تفرضها الأزمات السياسية المتصاعدة في مناطق مثل منطقة الشرق الأوسط وغيرها من الأسواق الهامة لعمليات المؤسسة، إذ أن هذه التحديات تؤثر على ثقة المصدرين لتوجيه صادراتهم إلى مشترين في هذه المناطق، كما أن لها التأثير الكبير على قرارات المستثمرين وقدرتهم على تنفيذ مشاريعهم بنجاح. لذا، نحن ملتزمون باتخاذ سلسلة من الخطوات الاستراتيجية لتعزيز دورنا في تأمين المخاطر السياسية والتجارية في هذه المناطق.
مما يجدر ذكره أن المؤسسة توفر حلولاً تأمينية متخصصة تغطي طيفًا واسعًا من المخاطر المحتملة، بما في ذلك مخاطر عدم الدفع والمصادرة والتأميم، والحروب والاضطرابات الأهلية، وتحويل العملات، ونقض العقود من قبل الحكومات. هذه المنتجات ستوفر للمصدرين والمستثمرين الحماية اللازمة لمواجهة التحديات التي قد تعترض صادراتهم واستثماراتهم في الخارج.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسة تؤمن بضرورة تعزيز قدراتنا التحليلية للعمليات التي يتم التأمين عليها وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة، حيث نستثمر في تطوير نماذج تنبؤية للمخاطر السياسية باستخدام تقنيات تحليل البيانات الضخمة. هذا سيمكننا من مراقبة التطورات السياسية والاقتصادية بشكل مستمر، وتحليل المخاطر بدقة أكبر، وتقديم استشارات مخصصة للعملاء، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مبنية على معلومات وافية وموثوقة.
السؤال الثالث: برأيكم، في أي مجالات تكمن أفضل فرص الاستثمارات؟
برأيي، بعد النشاط الملحوظ للمؤسسة في مجال التأمين على الاستثمار الأجنبي خلال السنوات الماضية، فإن أفضل فرص الاستثمارات تكمن في مجموعة من المجالات الاستراتيجية التي تشهد نموًا متسارعًا وتقدمًا تكنولوجيًا. أول هذه المجالات هو قطاع الطاقة المتجددة، الذي أصبح في مقدمة الاهتمام العالمي نتيجة للتحديات البيئية والتغير المناخي. الطلب على حلول الطاقة النظيفة والمستدامة يتزايد بشكل ملحوظ، مما يفتح آفاقًا واسعة للاستثمار. عندما ننظر إلى مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، نجد أنها ليست فقط مصادر طاقة بديلة، بل تمثل أيضًا فرصًا اقتصادية واعدة. الاستثمار في هذه المجالات يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الابتكار.
تدرك المؤسسة أن تأمين ائتمان الصادرات والتأمين ضد المخاطر السياسية من الأدوات الأساسية لسد فجوة تمويل العمل المناخي من خلال تقليل مخاطر الاستثمارات. نحن ملتزمون بمساعدة الدول الأعضاء في المؤسسة والبالغ عددها 50 دولة على تحقيق أهدافها الإنمائية، بما في ذلك التخفيف من التهديدات التي يشكلها تغير المناخ والتكيف معها. فمنذ انشاء المؤسسة، تم توجيه التغطية التأمينية نحو قطاعات مختلفة على مر السنين، حيث تم تخصيص سعة تأمينية 2.37 مليار دولار أمريكي لمبادرات الطاقة النظيفة مثل أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح – للمساعدة في استيرادها واستخدامها في مشاريع البنية التحتية الوطنية.
ومن فرص الاستثمارات كذلك، قطاع التكنولوجيا والابتكار والذي يشهد طفرة غير مسبوقة، إذ أن التكنولوجيا المالية، على سبيل المثال، تعيد تشكيل طريقة تعاملنا مع الخدمات المالية، حيث توفر حلولًا أكثر كفاءة وشمولية. الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء يغيران معالم الصناعات المختلفة، من التصنيع إلى الرعاية الصحية. الشركات التي تستثمر في هذه التقنيات الحديثة تستطيع تحقيق مزايا تنافسية كبيرة، وتلبية احتياجات السوق المتطورة. الابتكار في هذه المجالات لا يقتصر على الدول المتقدمة فقط، بل يشمل أيضًا الأسواق الناشئة التي تتبنى التكنولوجيا بسرعة.
قطاع التعليم والتدريب أيضًا يمثل فرصة استثمارية مهمة. مع التحولات السريعة في سوق العمل نتيجة للتطور التكنولوجي، هناك حاجة ملحة لتطوير مهارات جديدة وتحديث الأنظمة التعليمية. الاستثمار في التكنولوجيا التعليمية، مثل منصات التعلم الإلكتروني والواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي في التعليم، يمكن أن يوفر حلولًا لتحسين جودة التعليم وجعله أكثر تفاعلية وتخصيصًا. هذا يسهم في تجهيز القوى العاملة للمستقبل، وتعزيز الابتكار والإنتاجية.
أخيرًا، فإن قطاع الخدمات اللوجستية والنقل يمثل مجالًا واعدًا للغاية، ومع ازدياد التجارة الإلكترونية والتجارة الدولية، فإن الطلب يتزايد على حلول النقل الذكية وتحسين سلاسل التوريد، إضافة إلى أن الاستثمار في التقنيات التي تحسن كفاءة النقل، مثل المركبات ذاتية القيادة، وتطبيقات إدارة المخزون، والتحليلات المتقدمة، يمكن أن يسهم في تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة، علاوة على أن هذا القطاع يلعب دورًا حيويًا في ربط الأسواق وتعزيز التجارة، وهو مفتاح للتنمية الاقتصادية.
السؤال الرابع: ما هي القيمة المضافة كون المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تعمل تحت مظلة مجموعة البنك الإسلامي للتنمية؟
لقد أدركت المؤسسة ومنذ تأسيسها المهمة الكبيرة التي وضعتها على عاتقها عضويتها في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إذ يتوجب عليها المساهمة مع المؤسسات الأخرى في مجموعة البنك في تنفيذ استراتيجية البنك الرامية إلى خدمة الدول الأعضاء، لذا فإننا ندرك تمامًا أن الانتماء لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية يمثل قيمة مضافة كبيرة ومميزة. هذا الانتماء ليس مجرد ارتباط إداري أو تنظيمي، بل هو شراكة استراتيجية تعزز من قدرتنا على تحقيق أهدافنا وتقديم خدمات أفضل لعملائنا.
إضافة إلى ذلك، فإن وجود المؤسسة تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، قد أتاح لها لوصول إلى شبكة واسعة من الخبرات والموارد المالية والفنية التي تمكن البنك من بنائها منذ تأسيسه في العام 1975م. التنسيق الوثيق مع البنك الإسلامي للتنمية يمكّننا من دعم مشاريع التنمية المستدامة بشكل أكثر فعالية في الدول الأعضاء. نحن نعمل جنبًا إلى جنب مع البنك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مثل القضاء على الفقر، وتعزيز التعليم، وتحسين الرعاية الصحية، وحماية البيئة. هذا التكامل يتيح لنا المشاركة في مبادرات تنموية واسعة النطاق، وتوفير الدعم المالي والتقني للمشاريع التي لها تأثير إيجابي على المجتمعات المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، يعزز انتماؤنا إلى البنك الإسلامي للتنمية (حاصل على تقييم AAA) من سمعتنا ومصداقيتنا في الأسواق المحلية والدولية. يشعر المستثمرون والشركات بثقة أكبر في التعامل معنا، نظرًا للسمعة الطيبة والالتزام القوي بالمعايير الأخلاقية والمهنية التي يتمتع بها البنك على الصعيد الدولي. حيث إننا نستفيد من النظم والإجراءات المتقدمة التي يعتمدها البنك الإسلامي للتنمية، بما في ذلك أنظمة إدارة المخاطر، ونظم المعلومات، وسياسات الامتثال، والحوكمة. هذه الأدوات تساهم في تعزيز كفاءة عملياتنا وضمان التزامنا بأعلى المعايير الدولية. هذا الانطباع الإيجابي يساعدنا على بناء علاقات قوية وطويلة الأمد مع عملائنا وشركائنا، ويسهم في توسيع نطاق عملنا.
تجدر الإشارة الى أن المؤسسة حافظت كذلك على تصنيفها الائتماني للقوة المالية للتأمين بدرجة ” Aa3 ” الصادر عن وكالة موديز للعام السابع عشر على التوالي، مما يعكس ممارساتنا القوية في أنشطة الاكتتاب وإدارة المخاطر. هذا الى جانب حصول المؤسسة للمرة الأولى على تصنيف ائتماني طويل الأجل “AA- “ من قبل وكالة ستاندرد آند بورز مع نظرة مستقبلية مستقرة
السؤال الخامس: كيف تقيمون نشاطات المؤسسة وحتى الربع الثالث من عام 2024؟
فيما يتعلق بنشاطات المؤسسة حتى الربع الثالث من عام 2024، فقد كان الأداء متميزًا ومشجعًا للغاية. بلغ إجمالي قيمة الأعمال المؤمن عليها 9.10 مليار دولار أمريكي، مما يعكس تحقيقًا بنسبة 76% من هدف التأمين على الأعمال لهذا العام. هذه النتائج تعكس الثقة المتزايدة من قبل عملائنا في خدماتنا، والطلب المتنامي على حلول التأمين التي نقدمها.
بالنظر إلى القطاعات المختلفة، كان دعم الطاقة الأكبر بقيمة 5.32 مليار دولار، مما يؤكد التزامنا بدعم مشاريع الطاقة التي تعتبر حيوية للتنمية الاقتصادية. دعم التصنيع شهد أيضًا دعمًا قويًا بقيمة 1.50 مليار دولار، مما يعكس اهتمامنا بدعم الصناعة والتحول الصناعي. دعم الخدمات بقيمة 1.24 مليار دولار يشير إلى اهتمامنا بقطاع الخدمات، بما في ذلك الخدمات المالية واللوجستية، التي تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد. كما قمنا بتأمين أعمال بقيمة 347.66 مليون دولار في القطاع الصحي، مما يسهم في تعزيز قطاع الرعاية الصحية، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة في ظل التحديات الصحية العالمية.
فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي لحجم العمليات المؤمن عليها، فقد كانت آسيا في الصدارة بقيمة 4.41 مليار دولار، مما يعكس النشاط الاقتصادي المتنامي في المنطقة ودعمنا للمشاريع الكبرى فيها وجاءت العمليات في أفريقيا بقيمة 2.83 مليار دولار، حيث نركز على دعم التنمية في الدول الأفريقية وتعزيز قدراتها الاقتصادية من خلال تأمين الاستثمارات والمشاريع الحيوية، بينما حازت أوروبا على عمليات بقيمة 1.40 مليار دولار، ثم أمريكا بقيمة 432.89 مليون دولار. وبالرغم من صغر المساحة الجغرافية نسبياً لأوقيانوسيا فقد غطت المؤسسة فيها عمليات بقيمة 14.60 مليون دولار، إلا أنها تشير إلى جهودنا في توسيع نطاق خدماتنا والوصول إلى أسواق جديدة.
هذه النتائج الإيجابية تعكس جهود فريق العمل والتزام المؤسسة بتحقيق أهدافها الاستراتيجية. نرى أن هذه الإنجازات تعكس نجاح استراتيجيتنا في تقديم حلول تأمينية شاملة وفعالة، وتلبية احتياجات العملاء في مختلف القطاعات والمناطق. نتطلع إلى تحقيق أهدافنا الكاملة مع نهاية العام، ونعمل على وضع خطط طموحة للعام المقبل، بما في ذلك توسيع نطاق خدماتنا وتعزيز حضورنا في الأسواق الجديدة. سنواصل العمل على تعزيز قدراتنا وتحسين خدماتنا، مع التركيز على الابتكار والاستجابة للتحديات المستجدة.
في الختام، أود أن أشكر عملاءنا وشركاءنا على ثقتهم ودعمهم المستمر. نحن ملتزمون بمواصلة العمل الجاد لتحقيق أهدافنا والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء، وتوفير الحلول التأمينية التي تسهم في تعزيز الاستثمار والتجارة الدولية.
انشر تعليق