دبي
21 Nov, Thursday
30°C

شحنات بقيمة مئات الملايين من الدولارات إلى قاع المحيطات

أسباب الحوادث وخطورتها

بدأت حاويات الشحن المتكدسة فوق السفن العملاقة، حاملةً داخلها كل شيء بدءاً من إطارات السيارات وحتى الهواتف الذكية، في السقوط إلى أعماق البحار بوتيرةٍ مثيرةٍ للقلق، مُرسِلةً معها شحنات بقيمة مئات الملايين من الدولارات إلى قاع المحيطات، بالتزامن مع الضغط من أجل تسريع عمليات التسليم وما يترتب عليه من زيادة مخاطر أخطاء السلامة.

ويقول تقرير لوكالة Bloomberg، إن صناعة الشحن تشهد أكبر ارتفاعٍ في أعداد الحاويات المفقودة منذ سبع سنوات، حيث سقطت أكثر من 3 آلاف حاوية شحن في البحر العام الماضي، إلى جانب ألف حاوية أخرى انزلقت في المياه حتى الآن في عام 2021. وتُعطِل هذه الحوادث سلاسل التوريد لمئات المصنعين وتجار التجزئة حول العالم مثل أمازون وتيسلا.

وهناك العديد من الأسباب وراء الارتفاع المفاجئ في أعداد هذه الحوادث، إذ أصبح الطقس مثلاً أكثر تقلباً، بينما ازدادت السفن حجماً لتسمح بتكديس حاوياتٍ أكثر من أي وقتٍ مضى، لكن ارتفاع حجم التجارة الإلكترونية عقب انفجار طلب المستهلكين إبان جائحة »كوفيد-19« فاقم الأوضاع، ما زاد الحاجة الملحة لأنّ تُسلّم خطوط الشحن بأسرع وقتٍ ممكن.

السفن العملاقة صارت أقرب إلى سعتها الكاملة

وقال كليف ريد، مؤسس شركة Reed Marine: »إنّ زيادة حركة حاويات الشحن تعني أنّ تلك السفن العملاقة صارت أقرب إلى سعتها الكاملة من أي وقتٍ مضى. وهناك ضغطٌ تجاري على تلك الشركات لتصل في مواعيدها وتقوم بالمزيد من الرحلات«.

الخطأ البشري هو السبب الرئيسي وراء ثلاثة أرباع الحوادث

والحاجة إلى السرعة تخلق ظروفاً محفوفةً بالمخاطر، يُمكنها أن تجلب الكوارث بسرعة وفقاً لخبراء الشحن. وتتراوح المخاطر بين قيام عمال الشحن بتكديس الحاويات بترتيبٍ خاطئ، وعدم انحراف القباطنة عن اتجاه العواصف بالشكل الصحيح لتوفير الوقود، في ظل ضغوطات المستأجرين. وخطوةٌ خاطئة واحدة يمكنها أن تعرض الشحنات وطواقم السفن للخطر.

وتزداد فرص وقوع الأخطاء بالتزامن مع مواجهة البحارة المرهقين لظروف متدهورة إبان الجائحة، إذ قدّرت شركة Allianz Global للتأمين أنّ الخطأ البشري هو السبب الرئيسي وراء ثلاثة أرباع حوادث ووفيات صناعة الشحن على الأقل.

جميع الحوادث الأخيرة تقريباً في المحيط الهادئ

وقد وقعت جميع الحوادث الأخيرة تقريباً في المحيط الهادئ، المنطقة التي تشهد أكبر حركة مرور وأسوأ الظروف الجوية، إذ كان المسار البحري الذي يربط اقتصادات آسيا بالمستهلكين في أميركا الشمالية هو الأكثر ربحاً لشركات الشحن العام الماضي. بينما لاقت الصادرات الصينية رواجاً كبيراً بالتزامن مع تغذية الجائحة للطلب العالمي على كل الأشياء التي يحتاجها الناس للعمل والتعلّم والترفيه من المنزل.

وبوجود 226 مليون حاوية تُشحن كل عام، فربما يبدو فقدان ألف منها وكأنّه نقطةٌ في محيط. بينما قال جيكوب دامغارد، المدير المساعد لتقليل الخسائر في Britannia P&I: »هذه النسبة المفقودة ضئيلةٌ جداً، لكنها تمثل نحو 60 في المئة من القيمة النقدية لجميع حوادث الحاويات«.

وبمتوسط 50 ألف دولار لكل حاوية، قُدِرت خسائر السفينة One Apus بنحو 90 مليون دولار من البضائع فقط، وهي أعلى قيمة في التاريخ.

وتحظى المشكلة الآن باهتمامٍ أكبر بعد جنوح السفينة إيفرغيفن في قناة السويس، وتسليطها الضوء على مواطن ضعف صناعة الشحن البحري، حيث أوقفت السفينة العملاقة حركة المرور في ممر مائي حيوي لنحو أسبوع، ولا يزال تأثيرها ملموساً على التجارة العالمية حتى الآن.

وحتى تاريخه، لم تكن أي من حوادث الحاويات الأخيرة مرتبطةً ارتباطاً مباشراً بثغرات السلامة، إذ قالت المنظمة البحرية الدولية إنّها لا تزال بانتظار نتائج التحقيقات في الحوادث الأخيرة، كما حذرت من الخروج بأي استنتاجات قبل نتائج التحقيقات.

الوضع بات أكثر خطورةً

لكن العديد من الخبراء يقولون إنّ الوضع بات أكثر خطورةً، نظراً للضغط على سلاسل التوريد منذ تفشي الجائحة، وعادةً حين تقترب السفن من الطقس السيئ يتعيّن على القباطنة الابتعاد عن الخطر، لكن النهج السائد حالياً هو »لا تتجاوز العاصفة، بل ادخلها«، وفق  جوناثان رانجر المدير البحري في AIG.

وأضاف رانجر: »حين تُضيف ذلك إلى سوء الصيانة المحتمل للأقفال الملتوية والكابلات اللازمة لتأمين تلك الحاويات، فستجد نفسك أمام حادثة وشيكة«.

ومع تكديس الحاويات أعلى من أي وقتٍ مضى، ربما تفقد السفينة توازنها في مواجهة عاصفة، ويمكن لموجةٍ تلو الأخرى أن تتسبب في ميل السفينة بانحدارٍ شديد، لتضع ضغطاً أكبر على وسائل تأمين الحاويات. وتزداد الأمور سوءاً في حال كان الثقل علوياً.

من جهته، قال راجيش أوني، مؤسس Synergy Marine Group: »تختلف حركة المرور في البحار عما كانت عليه قبل 10 سنوات، فكيف نتكيف مع هذا الاختلاف كصناعة؟ من المناسب للعديدين إلقاء اللوم على القبطان، ولكن علينا النظر في كيفية تغيير البنية التحتية للموانئ وكيفية نقل السفن للشحنات«.

وتقول المنظمة البحرية الدولية إنّ الدول التي تحمل السفن أعلامها هي المسؤولة عن إصدار شهادات السلامة لتلك السفن، بينما الموانئ التي تقصدها تلك السفن هي المسؤولة عن ضمان الالتزام بقواعد تحميل الحاويات في السفن.

انشر تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *