ثــورة ولا كــل الثــورات !؟

إنها الثورة تضج بها النفوس والطرقات شكوى وألماً وحناجر هاتفة وقبضات مرفوعة ساخطة في وجه الظلم والفساد، وقد أنضجتها تراكمات تلبدت في حنايا الأفئدة لتتحوّل مع مرّ  السنين أثقالاً تنوء تحتها الهمم تاركة إياها رازحة عاجزة.

ثورة غير كل الثورات قضّت المضاجع بشعارات ارتجفت لها الضمائر الغائبة والأيادي السوداء الناهشة للمال العام، فتصدت بكل جوارحها وسقطاتها ولا حضاريتها تمعن تهديداً ووعيداً، وفي أحيان كثيرة باعتداءات تطاول الثوار المنتفضين المطالبين بأدنى الحقوق والبديهيات.

ثورة واحدة وإن تعدّدت المطالب وارتسمت على الأفواه صرخات عالية اهتزت لها الفرائص واندحرت سقوطاً الى الجحيم، حكومة تكنوقراط واسترداد المال المنهوب، شعاران بليغان يرسمان خريطة الطريق الى دولة بعد مزرعة ونظام بعد محاصصة وسيادة بعد انتقاص، وضبط المال العام بعد تسيّبه وتربّعه في جيوب السارقين المارقين.

ثورة ستُظهر بعد انقشاع غبارها وجوهاً كالحة استوطنت مراكز السلطة وعبثت بالمقدرات وتركت الشعب فريسة وهجها المتألق بهتاناً واصفراراً مقيتاً، ووجوهاً مليحة صادقة شفافة تأخذ برمق الجائعين الى صرع الجوع، وأصحاب الحاجات الى إشباعها، والشباب الى مستقبل مشرق من لون شغف الثورة وانبلاج إشعاعها.

هنيئاً للثورة طريقاً مشته بين الأفخاخ والأخطار والدم والتضحية والصبر، فلا ثورة إلا وبعدها منال، ولا إصرار إلا بعده حق، ولا إرادة إلا وقد أينعت وطناً سيداً حراً.